يل بنى أكتب اليك هذه الكلمات وانت راقد أمامى على فراشك .....سادر فى نومك
وقد توسدت كفك الصغير .. وانعقدت خصلات شعرك الذهبى فوق جبهتك الغضة
فمنذ لحظات خلت كنت جالسا الى مكتبى أطالع الصحيفة
واذا بفيض غامر من الندم يطغى على
فما تمالكت الا ان تسللت الى مخدعك ووخز الضمير يصلينى نارا
واليك الاسباب التى اشاعت الندم فى نفسى
أتذكر صباح اليوم
لقد عنفتك وانت ترتدى ثيابك
تاهبا للذهاب الى المدرسة
لانك عزفت عن غسل وجهك
واستعضت عن ذلك بمسحة من المنشفة
ولمتك لانك لم تنظف حذائك كما ينبغى
وصحت بك مغضبا لانك نثرت بعض الادوات عفوا على الارض
وعلى مائدة الافطار
أحصيت لك الاخطاء واحدة واحدة
فقد ارقت حسائك
والتهمت طعامك
واسندت مرفقيك الى حافة المائدة
ووضعت ىنصيبا من االزبد على خبزك اكثر مما يقتضيه الذوق
وعندما وليت وجهك شطر ملعبك
واتخذت أنا الطريق الى محطة القطار
التفت الى ولوحة لى بيدك وهتفت
مع السلامة يا بابا
وقطبت لك جبينى ولم اجبك
ثم أعدت الكرة فى المساء
ففيما كنت أعبر الطريق
لمحتك جاثيا على ركبتيك تلعب البلى
وقد بدت على جواربك ثقوب
فاذللتك امام اقرانك
اذ سيرتك امامى مغضبا باكيا
ان الجوارب يا بنى غالية الثمن
ولو كنت أنت الذى تشتريها
لتوفرت على العناية بها والحرص عليها
اتتصور هذا يحدث من اب
ثم اتذكر بعد وأنا أطاع فى غرفتى
كيف جئت تجر قدميك متخاذلا
وفى عينيك عتاب صامت
فلما نحيت الصحيفة عنى
وقد ضاق صدرى لقطعك على حبل خلوتى
وقفت بالباب مترددا
وصحت بك اسالك ماذا تريد
لم تقل شيئا
ولكنك اندفعت الى وطوقت عنقى
بذراعيك وقبلتنى
وشددت ذراعيك الصغيرتين حولى فى عاطفة اودعها الله
قلبك الطاهر
مزدهرة
لم يقو حتى الاهمال ان يذوى بها
ثم انطلقت مهرولا تصعد الدرج الى غرفتك
يا بنى
لقد حدث هذا بعد ذلك ببرهة وجيزة
أن انزلقت الصحيفة من بين أصابعى
وعصف بنفسى الم عات
يا الله الى أين كانت العادة تسير بى
عادة التفتيش عن الاخطاء
عادة اللوم والتأنيب
اكان ذلك جزاءك منى
على أنك مازلت طفلا
كلا لم يكن مرد الامر لانى لا احبك
بل كان مرده انى طالبتك بالكثير
برغم حداثتك
كنت أقيسك بمقياس
سنى ............. وخبرتى .............................. وتجاربى
ولكنك كنت فى قرارة نفسك تعفو وتغضى
وكان قلبك الصغير كبيرا كبر الفجر الوضاء فى الأفق الفسيح
فقد بدا لى هذا فى جلاء من العاطفة المهمة
الى ان حدا بك وتندفع وتقبلنى قبلة المساء
لا شىء يهم الليلة يابنى
لقد اتيت الى مخدعك فى الظلام
وجثوت أمامك موصوما بالعار
وانه لتفكير ضعيف
أعرف أنك لن تفهم مما اقوله شيئا
لو قلته لك فى يقظتك
.................................................. ..............................................
.................................................. ................................................
.................................................. ..............................................
ولكنى من الغد ساكون ابا حقا
سأكون زميلا وصديقا
سأتألم عندما تتألم
وسأضحك عندما تضحك
وسأعض لسانى اذا اندفعت اليك كلمة من كلمات اللوم والعتاب
وسأرد على الدوام
كما لو كنت أتلو صلاتى
ان هو الا طفل
لشد ما يحز فى نفسى
اننى نظرت اليك كرجل
الا انى وانا اتاملك الآن
منكمشا فى مهدك
أرى انك ما زلت طفلا
وبالامس القريب
كنت بينم زراعى امك
يستند رأسك الصغير الى كتفها
وقد حملتك فوق طاقتك
.................................................. .................................................. .........................................
.................................................. .................................................. ..........................................
.................................................. .................................................. [center]