زواج الامام علي فاطمة

ذلك في الأول من ذي الحجة سنة 2 هـ

اجتمع في السنة الثانية للهجرة مجموعة من الصحابة في المسجد النبوي فطلبوا علياً عليه السلام فخرجوا خارج المدينة فوجدوه يسحب ماء من بئر قريبة بواسطة جمله ، ليروي بستانا يملكه احد الانصار و هكذا كان علي يعمل في جلب الماء و سقاية الارض . و لما رأى الصحابة قادمين نحوه ، طرح معوله جانبا ، ووقف ينتظر لقاءهم بعد السلام ، خاطبه ابو بكر قائلا : اخي يا علي ، لقد اجتمع فيك كل ما يرضي الله و الناس ، و قد حان الوقت لان تجد لك زوجة ، و لعل فاطمة وحيدة الرسول تكون من نصيبك ، لان كل من راح يخطبها لنفسه ، لم يلق من الرسول قبولا ، و يبدو لي أن الله و رسوله قد اختارا فاطمة لك أنت . فتوكل ، و توجه الامام الى بيت الرسول صلى الله عليه و اله و سلم و صارحه بما في نفسه . اشرق وجه الرسول لدى سماعه طلب علي و قال : يا علي قد ذكرها قبلك رجال ، فذكرت ذلك لها ، فرأيت الكراهة في وجهها و لكن ، علي رسلك حتى اخرج اليك . دخل النبي صلى الله عليه و آله و سلم الى ابنته و فاتحها بالامر قائلا : يا فاطمة ان علياً بن ابي طالب من قد عرفت قرابته و فضله و اسلامه ، و اني قد سألت ربي ان يزوجك خير خلقه و احبهم اليه ، وقد ذكر عن امرك شيئا ، فما ترين ؟ فسكتت و لم تول وجها ، و لم ير فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كراهة فقام و هو يقول : الله اكبر سكوتها اقرارها . خرج الرسول الى حيث ترك عليا ، و بادره و السرور يعلو محياه قائلا : هل معك شيء ازوجك به ؟ قال علي : فداك أبي و أمي و الله لا يخفى عليك من امري شيء املك سيفي و درعي و ناضحي .

قال النبي : اما سيفك فلا غنى بك عنه ، تجاهد به في سبيل الله و تقاتل به اعداء الله ، و ناضحك تنضح به على نخلك و أهلك . و لكني قد زوجتك بالدرع ، ورضيت بها منك بع الدرع و اتني بالثمن . باع علي الدرع باربعمائة و ثمانين درهما ، و جاء بالدراهم الى النبي و طرحها بين يديه ، و تم الوفاق على ان يكون ثمن الدرع صداقا لاشرف فتاة ، و افضل انثى في الكون ، هي سيدة نساء العالمين .

قسم النبي المبلغ اثلاثا ، ثلثا لشراء الجهاز ، و ثلثا لشراء العطر و الطيب . و ثلثا تركه امانة عند ام سلمة ، ثم رده الى على قبيل الزفاف ، ليستعين به على تهيئة الطعام .

اعطى النبي مقدارا من المال لعمار بن ياسر و سلمان و آخرين قائلا له : اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها .

تم شراء لوازم البيت ، و كانت عبارة عن : قميص بسبعة دراهم ، و غطاء للرأس باربعة دارهم ، و دثار ( ما يتغطى به النائم ) من صنع خبير ، و سرير من الخشب . و فراشين من ألياف النخيل و الصوف ، و اربع قصاع للطعام من صنع الطائف ، و غطاء من الصوف ، و حصير و مطحنة يدوية ، ووعاء للحناء ، و آخر نحاسي ، و قربة ماء و قدر للحليب ، و ابريق للماء ، و كوزين من الفخار ، و أشياء اخرى من هذا القبيل ، جيء بها الى الرسول فتفحصها و اعرب عن رضاه بهذا الجهاز المتواضع قائلا : بارك الله لاهل البيت س جل انيتهم الفخار . بعدها طلب النبي أم سلمة ان تجهز غرفة لفاطمة ، كما طلب من النسوة ان يتزين و يزين فاطمة ، فاهتمت كل منهن بعمل . فواحدة صففت شعرها ، و الثانية اهتمت بثيابها و الثالثة رشتها بالعطور .

منذ ذلك الوقت عاش علي و فاطمة في بيتهما المتواضع ، عيشة ملؤها الحب و الهناء ، و كان النبي في كل مناسبة يزورهما و يجلس اليهما ، و يوصيهما بالصبر و الاستقامة ، ومما قاله لابنته يوما : ان الله اختار من أهل الارض رجلين احدهما ابوك و الاخر زوجك .

و هكذا تمت اسعد الحظات لعلي و فاطمة عليهما السلام في ظل الرسول الاكرم صلى الله عليه و آله و سلم