احب الله
أحمد الله تعالى حمدا ًيكون لحقه قضاء،ولنعمته وفاءًُ،ولثوابه رجاء ُ،وأستعين به إستعانة ًخاشع لعظمته؛راج مغفرته ورحمته،معترف بآلائه خاضع لجلاله وكبريائه،
وأؤمن به إيمانا لاتهزه العواصف،ولا تؤثر فيه الرياح القواصف،وألوذ به راغبا ًفى
مزيد فضله وفسيح جنته .
سبحانه هو واحد أحد،لم يلد،فيكون بولده مستعينا أو موروثا ُ،ولم يولد،فيكون لأبيه سندا ًأوشريكا ً،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ً ،لم يتقدمه الزمان،ولا يحل بمكان،ولايعتريه زيادة ولا نقصان،،عرفناه بآياته،ولم نعرفه بمشاهدة ذاته،عرفناه
بالسماء ذات البروج،وبالأرض ذات المروج،عرفناه بالنسيم العليل يهب فى وقت الأصيل،وعرفناه باليابس والماء،وبالطيور فى جو السماء،وعرفناه بمواقع النجوم،يستدل بها السارى فى الليل البهيم،وبا لشمس يمنحنا بها الضوء والحرارة،ويحيى بها كل كائن حى على سطح ارضنا،عرفناه بالأجنة يتعهدها فى جوف الأرحام،وبالمرضى يمنحهم الصحة بعد اليأس من الشفاء،وبكل ما وقعت عليه العيون،وأدركته العقول.
فسبحان من يسبج الرعد بحمده والملائكة من خيفته،ويرسل الصواغق فيصيب بها من يشاء ُوهو شديد المحال، سبحان من لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء،"وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبن".
يكون السحاب بقدرته،ويسيره بحكمته،ويقسمه بين عباده بمشبئته،يعلم قطراته قطرة قطره،ويعلم النبات الذى سوف ينبته مشرقا ومغربا،يعلم ماتتغذى به البعوضة والنحلة،وسائر الحشرات والأسماك والحيوان،فيهيئ لكل فرد منها غذاءَه، ويقدر
له طعا مه، فلم ييئس منها خبيئا ً فى جُحر،ولاطائرا فى جَو ،ولا سائرافى بر،ولا سابحا فى بحر،"وكل شئ عنده بمقدار،عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، سواءٌ
منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار:،لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير".
ألست تشاهد معى جمال هذا الكون وروعته،واتساع آفاقه وعظمته،
ودقة تكوينه ووحدة قوانينه،وأن كل شئ فيه يؤدى وظيقته على الوجه الذى أعد له ويليق به،وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان،وأن مجرات السماء لاحصر لها،وكل مجرة فيها ما لايحصى
من النجوم،وكل نجم منها تدور حوله وترتبط به طائفة من الكواكب
،وأن رقعة السماءتتسع كما أثبتته المناظير البعيدة المدى،وكما يقول من أنزل الفرقان هاديا للإنسان"والسماء بنيناها بأ َيْد وإنا لموسعون"الذاريات47"ومن وراء تلك المجرات سماوات لم تصل المجاهر ولا التلسكوبات ولا الأقمار الصناعية إلى أن تعرف شئ عنها،وكل ماعرفناه جاء عن طريق القرآن أو السنة.
من أبدع هذا الكون وصنعه،فهذا الكون الذى نعيش فيه،بلغ من الروعة والدقة والعظمة مايقتضى أن يكون مبدعه أعظم منه شأنا وأجل منه قدرا.