حسبي الله ونعم الوكيل عضو ابتداء
عدد المساهمات : 3874 نقاط : 37958 تاريخ التسجيل : 04/10/2009 العمر : 35
| موضوع: و لم أزل اشتاق إليكِ الأحد ديسمبر 20, 2009 6:57 pm | |
| أنا طفل ككل الأطفال أحب أمى حباً يفوق الخيال تعلمنى من الآداب ما فيه جمالى و تأخذنى إلى المدرسة فى كل صباح و تقف بى أمام الباب مودعة بشوق المغترب مملؤ الجراح فتنادى عليّ أن قد نسيت شيئا فأجرى مرتمياً بين تلك الأحضان و تقبلنى على جبهتى و جبينى و تقول حرسك الله المستعان و تأتى آخر اليوم فتأخذنى إلى البيت فى نشوة المشتاق فأذهب معها مودعاً من كان معى من الرفاق فتضع لى طعامى و تداعبنى كى آكل ما لا استلذه من الغذاء و تقول لى عند معارضتى أريد أن تقوى كى تكون لى فداء فكانت بسمتها تعانق بسمتى و الأمل يكبر كل يوم فى كيانى و أتى يوم لم أعرف سره فقد كان محور الحياة و الأكوان تمشى أمى معى مسرعة تقول قد تأخرت عن الامتحان فأسرعت تعبر الطرق كالحيران فباغتها القدر على غفلة فإذا بحافلة تأخذها بالأحضان فارتميت بعيداً عن جسد والدتى الذى سال منه الدم من كل مكان فسمعت الناس فى هلع يطلبون الإسعاف لتأخذ الجثمان و الدم فى عينى يتلأللأ و خالطه الدمع فهيج أشجانى و وضعوا أمى فى لفافة كالتى كنت أوضع بها منذ زمانِ و أخذوها لا أدرى لأين و لكن لم تعد تأتينى غير أحيان أراها فى منامى جالسة مع أطفال كالآلئ فى بستان فأفيق من نومى بنشوة و كل يوم يزيد الشوق غير المتفانى فلم أعد أذكر الآن إلا صورتها فقد كبرت و غطى ذاكرتى الزمان و وهن عظمى و لم أزل بعد تلك الحين بها ولهان و الآن و قد رأيت ملائكة فى غرفتى و معهم أمى مبتسمة تقول تعالى معنا فى الروضة و يأتى ملك و يقول أخرجى أيتها الروح المطمئنة و الآن و بعد الممات لقيتك يا أمى فى الجنات اجمعنا الذى من قبل فرقنا و كنت دوماً منتظراً يوم نلتقى فى تلك الجنات | |
|